JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
Startseite

نقاط مهمة لدراسة مادة القانون الدستوري

نقاط مهمة لدراسة مادة القانون الدستوري

 القانون الدستوري حسب المعيار الشكلي: هو مجموعة القواعد التي تتضمنها الوثيقة الدستورية، فكل ما تحتوي هذه الوثيقة من قواعد تعتبر قواعد دستورية، وكل قاعدة لا تتضمنها وثيقة الدستور لا تعتبر دستورية.
مزايا المعيار الشكلي: يمتاز بالوضوح والتحديد، ويمثل الأساس الذي قامت عليه فكرة جمود الدستور وسموّه على القوانين العادية، لأن وضع الدستور وتعديله يتطلّب شروطاً وإجراءات خاصة تختلف عن القوانين العادية مما يستتبع سموّ قواعد الدستور على التشريعات العادية وعدم استطاعة المشرّع العادي الخروج على نصوص الدستور وأحكامه.
عيوب المعيار الشكلي:
1. إن الأخذ بهذا المعيار يؤدي إلى إنكار وجود دستور في دول الدساتير العرفية غير المدوّنة كبريطانيا.
2. لا يعطي هذا المعيار تعريفاً دقيقاً وشاملاً للقانون الدستوري.
3. يؤدي الأخذ بالمعيار الشكلي إلى إدخال موضوعات غير دستورية في صلب القانون الدستوري، لأن الدساتير قد تتضمّن مسائل غير دستورية ترد في الدستور للتأكيد على أهميتها مثل تحريم إنتاج الخمور في الدستور الأمريكي.
4. هناك مسائل ذات طبيعة دستورية ولها اتصال وثيق بالقانون الدستوري، ولكنها موجودة في قوانين عادية، والأخذ بالمعيار الشكلي يؤدي إلى اعتبار هذه المسائل خارجة عن إطار القانون الدستوري رغم ارتباطها الوثيق بالحياة الدستورية والسياسية، كقوانين الأحزاب وقوانين الانتخابات.
5. يؤدي الأخذ بهذا المعيار إلى إغفال الأعراف والتقاليد الدستورية وإهمال المؤسّسات غير الرسمية وتأثيرها في الحياة السياسية.
القانون الدستوري حسب المعيار الموضوعي:
يأخذ معظم فقهاء القانون الدستوري بالمعيار الموضوعي، لأن موضوع الدولة أحد الموضوعات الأساسية التي يتضمنها القانون الدستوري، والذي يتضمّن القواعد التي تتضمّن طبيعة الدولة – نوعها- ونوع الحكومة فيها، كما تحدّد المبادئ الأساسية التي تنظم السلطات العامة للدولة واختصاصاتها والعلاقات بينها.
--------------------------
المصادر الرسمية للقانون الدستوري: التشريع الدستوري والعرف الدستوري
التشريع الدستوري:
أولاً: الوثيقة الدستورية: المصدر الرئيسي للقواعد الدستورية في دول الدساتير المدوّنة بما تتضمنه من مبادئ وأحكام أساسية تتعلق بتنظيم السلطات العامة، وتوضع الوثيقة من قبل هيئة خاصة يطلق عليها السلطة التأسيسية.
السلطة التأسيسية الأصلية: تقوم بوضع دستور لدولة لا يوجد فيها دستور أصلاً، أو لم يعد فيها دستور، وبالتالي فهي سلطة أصلية لأنها لا تستند في عملها إلى نصوص وأحكام دستور سابق على وجودها وهي تتمتع بصلاحيات مطلقة في هذا المجال.
تظهر الحاجة إلى السلطة التأسيسية في حالتين: الحالة الأولى: قيام دولة جديدة فتقوم هذه السلطة بوضع أول دستور جديد للدولة.
الحالة الثانية: قيام ثورة أو انقلاب في دولة من الدول حيث يتم إلغاء الدستور القائم، ووضع دستور جديد يعبّر عن اتجاه الثورة.
السلطة التأسيسية المنشأة "سلطة التعديل": تستند في إنشائها إلى دستور قائم ونافذ يحدّد كيفية تشكيلها وممارستها لمهمتها، كما تلتزم بالنطاق الذي حدده الدستور وبما نص عليه من إجراءات.
ثانياً: القوانين الأساسية:
مجموعة القوانين التي تصدر عن السلطة التشريعية، وتتعلق بتنظيم السلطات العامة في الدولة واختصاصاتها، أي أنها تتصل بموضوعات دستورية بطبيعتها كقانون الانتخابات.
وتختلف المرتبة التي تحتلها القوانين الأساسية في دول الدساتير المرنة عنها في دول الدساتير الجامدة.
مرتبة القوانين الأساسية في دول الدساتير المرنة:
الدستور المرن هو الدستور الذي يمكن تعديله من قبل السلطة التشريعية نفسها، التي تسنّ القوانين العادية وفق الإجراءات نفسها المتبعة في تعديل القوانين العادية، وقد تتضمن أحكاماً مناقضة لأحكام الوثيقة الدستورية. لذا فإن القوانين الأساسية تحتل في الدول ذات الدساتير المرنة ذات مرتبة الوثيقة الدستورية.
مرتبة القوانين الأساسية في دول الدساتير الجامدة:
يتم تعديل الدستور الجامد وفق شروط وإجراءات خاصة يحددها في أحكامه وتختلف عن إجراءات تعديل القوانين العادية. وبهذا فإن القوانين الأساسية التي تصدر عن السلطة التشريعية لا يجوز أن تتضمن أحكاماً مخالفة للأحكام الواردة في الوثيقة الدستورية. والقاعدة العامة السائدة في دول الدساتير الجامدة، هي أن القوانين الأساسية تحتل نفس مرتبة القوانين العادية.
----------------------
العرف الدستوري:
التمييز بين العرف الدستوري والدستور العرفي:
العرف الدستوري: هو جميع القواعد الدستورية التي نشأت عرفياً عن طريق العادات والسوابق في ظل دستور مكتوب، ثم استقرت في ضمير الجماعة كقواعد ملزمة واجبة الاحترام والتطبيق.. أما الدستور العرفي فهو مجموعة القواعد الدستورية المنظمة للسلطات العامة في الدولة والتي لم تدوّن بعد في وثيقة دستورية رسمية.
تعريف العرف الدستوري: قاعدة مطردة أو عادة معينة درجت عليها الهيئات الحاكمة في الشؤون المتصلة بنظام الحكم في الدولة، بحيث يقوم في ضمير الجماعة الإحساس بوجوب احترام هذه العادة وأنها أصبحت قاعدة قانونية ملزمة.
الركن المادي للعرف الدستوري: ويقصد به السير على نهج معين من قبل إحدى السلطات الحاكمة في الدولة بصفة مطردة وثابتة وواضحة بشأن مسألة دستورية معينة، شريطة التزام جميع السلطات الحاكمة في الدولة بهذا النهج وموافقتها عليه.
ويشترط لتحقق الركن المادي عدة شروط:
1. التكرار: تشترط أغلبية الفقه الدستوري تكرار العادة حتى يتوافر الركن المادي للعرف الدستوري، فيما يذهب آخرون للاكتفاء بحدوث التصرف مرة واحدة.
2. العمومية: يقصد بالعمومية التزام جميع السلطات الحاكمة في الدولة دون اعتراض بالتصرف الصادر عن إحدى السلطات العامة.
3. الوضوح: يجب أن تكون العادة التي درجت عليها السلطة واضحة تماماً، وألا تكون قابلة لعدة تفسيرات وغير مخالفة للدستور.
4. الثبات وعدم الانقطاع: ينبغي أن يتكرر التصرف المكوّن لركن الاعتياد بشكل ثابت ومطرد دون انقطاع.
الركن المعنوي للعرف الدستوري: وهو أن تتوفر صفة الإلزام لهذه العادة، وأن يتولّد لدى الجماعة "السلطة والأفراد" شعور بأن هذه العادة قد أصبحت قاعدة قانونية واجبة الإتباع وملزمة للجميع كبقية القواعد القانونية الأخرى النافذة في الدولة.
أنواع العرف الدستوري:
1. العرف المفسّر: يقتصر دور هذا النوع من العرف الدستوري على تفسير ما قد يكون غامضاً من نصوص الدستور، أي أنه لا ينشئ قاعدة دستورية جديدة، وإنما يتحدد دوره في بيان كيفية تطبيق ما تتضمنه النصوص الدستورية من أحكام.
ويتفق معظم فقهاء القانون الدستوري على إعطاء العرف المفسر القيمة القانونية نفسها التي تحوزها النصوص الدستورية، لأنه يصبح جزءاً من هذه النصوص ما دام لا يتضمن مخالفة لنص دستوري أو ينطوي على تعديل لأحكامه.
2. العرف المكمل: هذا النوع من العرف الدستوري يقوم بإكمال النقص الذي قد يوجد في القواعد الدستورية، وبالتالي فإنه ينشئ أحكاماً دستورية جديدة.. ولتحديد قيمته القانونية يوجد ثلاثة اتجاهات:
1. ذهب الاتجاه الأول إلى إعطائه قوة التشريعات العادية أي أن قيمته القانونية لا ترقى إلى قوة النصوص الدستورية.
2. الاتجاه الثاني يلحق هذا النوع من العرف بالعرف المفسّر، ويرى أنصار هذا الاتجاه أن للعرف المكمل القوة القانونية نفسها التي يحوزها العرف المفسر.
3. الاتجاه الثالث يميز بين حالتين: الأولى حالة اقتصار العرف المكمل على تحديد كيفية تطبيق أحكام الدستور حيث يماثل العرف المفسر ويأخذ أحكامه.. والثانية أن يقوم العرف المكمل بإنشاء قواعد دستورية جديدة لا تستند إلى نصوص الدستور، وهنا يعتبر عرفاً معدلاً ليس له قيمة قانونية.
3. العرف المعدل: يقوم بإجراء تعديل في نصوص الوثيقة الدستورية سواء بإضافة أحكام جديدة إليها أو بحذف بعض أحكامها.. وهو نوعان: العرف المعدل بإضافة والعرف المعدل بالحذف.. وقد اختلف فقهاء القانون حول مشروعيته وتحديد قيمته القانونية إلى ثلاثة آراء:
1. عدم مشروعية العرف المعدل وعدم الإقرار له بأي قيمة قانونية لأنه يعتبر انتهاكاً للدستور.
2. يقرون بمشروعية هذا العرف المعدل على أساس أنه تعبير مباشر عن إرادة الأمة صاحبة السيادة.
3. يفرق الرأي الثالث بين العرف المعدل بالإضافة والعرف المعدل بالحذف، حيث يقر بمشروعية الأول ويعطيه القيمة القانونية نفسها لنصوص الدستور ولا يقر بمشروعية العرف المعدل بالحذف إطلاقاً.
-------------------
أنواع الدساتير
الدساتير المدونة والدساتير غير المدونة:
1.الدساتير المدونة: هي الدساتير التي تصدر جميع قواعدها وأحكامها أو على الأقل غالبيتها في شكل وثيقة أو عدة وثائق رسمية صادرة عن المشرّع الدستوري، إذ ليس من الضروري أن تكون جميع القواعد الدستورية مدونة حتى يكون الدستور مدوناً.
مزايا الدساتير المدونة:
1. وضوح النصوص المكتوبة وتحديد الأحكام التي تتضمنها بدقة، بعكس القوانين العرفية التي يكتنفها الغموض وعدم التحديد.
2. إن الدستور المدون يعتبر تجديداً للعقد الاجتماعي الذي نشأت الجماعة السياسية على أساسه، وتدوينه يعتبر وسيلة لتعميم التربية السياسية.
3. الدستور المدون يتجاوب بسرعة مع المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدولة.
4. يعتبر الدستور المدون ضمانة هامة ضد الحكم المطلق والاعتداء على حقوق المواطنين وحرياتهم.
عيوب الدساتير المدونة:
1. إن الدستور المدون يعاني من الجمود الذي تعاني منه جميع التشريعات المدونة.
2. ليس صحيحاً أن الدستور المدون يعد ضمانة ضد الحكم المطلق، لأن القواعد الدستورية لا تستمد قوتها الحقيقية من كونها مدونة أو غير مدونة، وإنما من الوعي السياسي للجماعة ومدى تمسكها بالقواعد الدستورية وحمايتها لها.
2. الدساتير غير المدوّنة: ويطلق عليها الدساتير العرفية لأن العرف هو مصدر قواعدها، ويعتبر الدستور البريطاني المثال التقليدي على الدساتير غير المدونة لأنه يستمد غالبية أحكامه من العرف وبعضها من القضاء.
امتيازات الدساتير العرفية:
1. مرونة الدستور العرفي وقابليته للتطور ومسايرة حاجات الحياة وضروراتها المتغيرة.
2. الدستور العرفي وليد المواءمة المستمرة بين الظروف السياسية والتاريخية وبين تطلعات الشعب وآماله.
-------------
الدساتير المرنة والدساتير الجامدة:
الدستور المرن: إمكانية تعديله بالطرق التشريعية وينجم عن ذلك مجموعة نتائج:
1. من الناحية القانونية: تأخذ الدساتير المرنة نفس القيمة القانونية التي تتمتع بها القوانين العادية.
2. تختفي كل تفرقة شكلية بين القواعد الدستورية المرنة والتشريعات العادية ولا يبقى إلا الاختلاف في الناحية الموضوعية فقط.
3. ينتج عن هذا الوضع تمتع السلطة التشريعية باختصاصات وسلطات واسعة في ظل الدستور المرن.
الدستور الجامد: يشترط اجتماع المجلسين التشريعيين في هيئة مؤتمر لإقرار التعديل عند الأخذ بنظام المجلسين، وقد يشترط موافقة أغلبية الشعب على التعديل المقترح عن طريق الاستفتاء الشعبي.
صور الجمود:
1. الجمود المطلق الجزئي أو الحظر الموضوعي: ويقصد به أن ينص الدستور على عدم جواز تعديل بعض مواده إطلاقاً وفي أي وقت من الأوقات.
2. الجمود المطلق المؤقت أو الحظر الزمني: ويعني حظر إجراء أي تعديل في الدستور خلال فترة زمنية معينة.
3. الجمود المطلق الكلي والدائم: وهو حظر إجراء أي تعديل في الدستور بصفة دائمة، ويوجد إجماع فقهي على بطلان هذا النوع من الجمود، وأن النص عليه في الدستور ليس له قيمة قانونية لأن الجمود المطلق الكلي يتنافى من الناحية السياسية مع سنة التطور.
يترتب على جمود الدستور بعض النتائج أبرزها:
1. التمييز بين السلطة التأسيسية والسلطة التشريعية والإقرار بتفوق الأولى على الثانية.
2. السمو الشكلي والموضوعي للدستور الجامد على القوانين العادية، مما يمنحه الاحترام والقداسة لدى الهيئات الحاكمة وأفراد الشعب على حد سواء.
-------------------
مواضيع الدستور ومحتواه:
الدستور يتضمن بشكل عام الموضوعات التالية:
1. الأسس الفلسفية والقانونية التي يقوم عليها الدستور وتدعى المبادئ الأساسية التي تحكم التنظيم الحكومي.
2. القواعد المتعلقة بالتنظيم الحكومي: السلطات العامة في الدولة واختصاصاتها.
أ. قواعد تقيّم مشروعية الحكام.
ب. قواعد تحدد اختصاصات الحكام.
ج. قواعد تبين حدود ممارسة هذه الاختصاصات.
3. الاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية للدولة الهدف من إيرادها في الوثيقة الدستورية هو التأكيد على أهميتها.
4. إعلان حقوق الإنسان.
---------------
نشأة الدساتير: هناك نوعان ديمقراطية وغير ديمقراطية
الأساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير "الملكية":
أ. المنحة: وتعود نشأة الدستور في هذه الحالة إلى الإرادة المنفردة للحاكم وأسلوب المنحة هو الممر الذي عبر عنه النظام الملكي من الملكية المطلقة إلى الملكية المقيدة.
إن صدور الدستور عن طريق المنحة يعتبر من الناحية القانونية وليد إرادة الحاكم المستقلة ما جعل بعض الفقهاء يعطون الحاكم كامل الحق في إلغاء الدستور أو سحبه، بذريعة أن "من يملك المنح يملك المنع" ولكن غالبية فقهاء القانون الدستوري اتجهت إلى القول بعدم أحقية الحاكم في سحب أو إلغاء الدستور الصادر عن طريق المنحة للأسباب التالية:
1. من الناحية التاريخية لم يتم صدور أي دستور بشكل منحة إلا خوفاً من ثورة الشعوب وتمردها.
2. إن إصدار الدستور من جانب الحاكم بطريقة المنحة وتحت ضغط الشعوب هو بمثابة استرداد لحقوق الشعب التي اغتصبها هذا الحاكم بطرق غير مشروعة، ولا يحق للحاكم الرجوع فيما منح لأن ذلك يعدّ اغتصاباً جديداً لهذه الحقوق.
3. إن الإرادة المنفردة تكون مصدراً للالتزامات إذا ما صادفت قبولاً لدى أصحاب الشأن، وهكذا فإن قبول الأمة للدستور المنحة يسلب الحاكم إمكانية سحبه أو إلغائه.


ب. العقد أو التعاقد: ويتم وضع الدستور عن طريق توافق إرادة الحاكم مع إرادة ممثلي الشعب على قبول الوثيقة الدستورية واحترامها، فيكون الدستور ولد نتيجة تلاقي هاتين الإرادتين مما يعني عدم أحقية أي من الطرفين الانفراد بإلغاء الدستور أو سحبه أو تعديله.
ينتقد بعض الفقهاء إطلاق صفة العقد على الدساتير الصادرة بهذا الأسلوب، لأنها من الناحية الواقعية لم تصدر نتيجة رضا وتوافق حقيقي لإرادتين إنما نتيجة ضغوط وثورات شعبية وبذلك يكون اشتراك الحاكم في التعاقد صورياً.
الأساليب الديمقراطية لنشأة الدساتير "السيادة الشعبية": هناك أسلوبان.
1. الجمعية التأسيسية: الدستور هو الذي ينشئ السلطات العامة للدولة بما فيها السلطة التشريعية، لذا لا يجوز أن تقوم هذه السلطة بوضع الدستور لأنها سلطة منشأة، حيث يقوم الشعب بانتخاب هيئة أو جمعية خاصة أعلى من السلطة التشريعية تأخذ السلطة التأسيسية وكالة خاصة من الشعب من أجل القيام بإعداد مشروع الدستور، والجمعية التأسيسية تتمتع بالسلطتين التأسيسية والتشريعية وتكون أقوى من السلطة التنفيذية.
2. الاستفتاء الشعبي الدستوري: ويقسم إلى: الاستفتاء الدستوري، والاستفتاء التشريعي، والاستفتاء السياسي.
الاستفتاء الدستوري: هو أن يعرض مشروع الدستور الذي تم إعداده من قبل لجنة تأسيسية منتخبة من الشعب على الشعب نفسه لمعرفة رأيه، ولا يكتمل وجوده قانوناً ولا يصبح نافذاً إلا بعد موافقة الشعب عليه.
ويفرق الفقه الدستوري بين الاستفتاء الدستوري والتصديق الشعبي: بأن التصديق الشعبي (الاستفتاء السياسي) هو أسلوب تنشأ به الدساتير في ظل أنظمة حكم تسمح للشعب ظاهرياً بالاشتراك في مباشرة السلطة التأسيسية من خلال إجراء استفتاء شعبي على مشروع الدستور، إلا أنها تحول واقعياً دون جعل هذه المشاركة الشعبية جدية.
-----------------------
تعديل الدستور:
السلطة المختصة بالتعديل: إذا كانت السلطة التأسيسية الأصلية هي التي تتولى وضع الدستور، فإن السلطة التأسيسية المنشأة هي المختصة بتعديل الدستور، وقد اختلف الفقهاء بشأن تحديد السلطة التي تملك الحق في تعديل الدستور، حيث ظهرت ثلاثة اتجاهات متباينة:
الاتجاه الأول: اعتبر حق التعديل ملكاً لجميع أفراد الشعب.. وينطلق هذا الاتجاه من فكرة فقهاء القانون الطبيعي القائلة بأن الدستور هو العقد الاجتماعي الذي أبرم بإجماع أعضاء الجماعة وموافقتهم عليه، ولذلك فإن تعديل هذا الدستور لا بد أن يقترن بموافقة مجموع الشعب على أساس أن هذا التعديل هو بمثابة تعديل لشروط العقد الاجتماعي.
الاتجاه الثاني: أعطى هذا الحق لممثلي الشعب.. ويرى أنصار هذا الاتجاه أن صلاحية تعديل الدستور تعود للشعب أو البرلمان لأن الأمة هي صاحبة السيادة ولها حق تعديل الدستور.
الاتجاه الثالث: إن الدستور ذاته هو الذي يحدد السلطة المختصة بتعديله.. وذهب غالبية الفقهاء إلى أن الدستور هو الذي يحدد السلطة المختصة بتعديله، ويعود هذا الرأي إلى الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو.
موقف الأنظمة الدستورية من تحديد السلطة المختصة بتعديل الدستور: توزعت الدساتير في تحديدها للجهة التي تمارس السلطة التأسيسية المنشأة بين ثلاثة اتجاهات: الأول حوّلها للسلطة التشريعية، والثاني أسندها لجمعية تأسيسية منتخبة من قبل الشعب، والثالث يعود بهذه السلطة إلى الشعب ذاته بواسطة الاستفتاء الشعبي.
أ. إسناد السلطة التأسيسية المنشأة للبرلمان: بعض الدساتير تشترط أغلبية خاصة تختلف عن الأغلبية المطلوبة لتعديل التشريعات العادية كالدستور اللبناني لعام 1926.. أو اجتماع البرلمان للتصويت على التعديل كدستور الجمهورية الفرنسية الثالثة عام 1875 .. أو حل البرلمان وانتخاب برلمان جديد كالدستور البلجيكي.
ب. منح السلطة التأسيسية المنشأة لجمعية تأسيسية: يجرى انتخابها من قبل الشعب لتولي مهمة تعديل الدستور كغالبية دساتير دول أمريكا اللاتينية.
ج. إسناد السلطة التأسيسية المنشأة للشعب: مثل دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة، حيث أعطت المادة (89 – 2) منه حق اقتراح التعديل لكل من رئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان بمجلسيه ولا يصبح التعديل نافذاً إلا بموافقة الشعب عليه في استفتاء شعبي.
نطاق التعديل:
1. الحظر الموضوعي: تنص بعض الدساتير على تحريم تعديل بعض موادها أو أحكامها تحريماً مطلقاً، بهدف حماية الدعائم الأساسية التي يقوم عليها النظام السياسي كدساتير الكويت والجزائر والمغرب وفرنسا وتركيا واليونان وتونس وإيطاليا والبرازيل.
2. الحظر الزمني: تحظر بعض الدساتير إجراء أي تعديل في أحكامها خلال مدة زمنية محددة، بهدف إضفاء الثبات والاستقرار على نصوص الوثيقة الدستورية، ويجرى النص على هذا الحظر عادة في أعقاب إعلان استقلال الدولة أو عند إقامة نظام سياسي جديد.. ينص الدستور السوري النافذ لعام 1973 على عدم جواز تعديله قبل انقضاء ثمانية عشر شهراً على نفاذه.
3. حظر تعديل الدستور في ظروف معينة: في بعض الدساتير يحظر تعديل الدستور ويكون غير مشروع في الفترات التي تتعرض فيها الدولة لظروف استثنائية كالحرب أو الاحتلال، وعلة هذا الحظر هو أن إرادة الأمة قد تكون مقيدة ولا تستطيع التعبير عن إرادتها.
4. القيمة القانونية للنصوص التي تحظر تعديل الدستور:
1. الاتجاه الأول: يذهب إلى أن جميع النصوص الدستورية التي تحظر تعديل أحكام الدستور بصفة دائمة أو مؤقتة أو أثناء ظروف استثنائية ليس لها أية قيمة قانونية أو سياسية ولا تتمتع بأية قوة إلزامية، لأن هذا يتنافى مع مبدأ سيادة الأمة وحقها في تعديل دستورها متى تشاء.
2. الاتجاه الثاني: يرى أن النصوص الدستورية التي تحظر تعديل بعض أحكام الدستور بصفة دائمة، باطلة ومجردة من كل قيمة قانونية، أما النصوص التي تحظر تعديل الدستور خلال فترة زمنية محددة أو عند تعرض الدولة لظروف استثنائية فإنها مشروعة وتتمتع بالقوة القانونية الملزمة.
3. الاتجاه الثالث: يعتبر أن النصوص الدستورية التي تحظر تعديل الدستور خلال مدة زمنية محددة، أو التي تحظر تعديل بعض أحكامه بصفة دائمة تتمتع كبقية القواعد الدستورية الأخرى بالقوة القانونية الملزمة، إلا أنها قابلة للتعديل.
4. الاتجاه الرابع: يميّز في مشروعية الحظر بين الناحية القانونية والناحية السياسية، فهذا الحظر مشروع من الناحية القانونية وباطل من الناحية السياسية لأنه يتناقض مع مبدأ سيادة الشعب وحقه في تعديل أو إلغاء ما قرّره في أي وقت يشاء.
إجراءات تعديل الدستور:
1. اقتراح التعديل: تتباين الدساتير بشأن الجهة المختصة باقتراح التعديل، فبعضها أعطى حق اقتراح التعديل للسلطة التنفيذية، ومنها من خوّل هذه الصلاحية للسلطة التشريعية، ومنهم من خوّل السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومنهم من يمنح الشعب إلى جانب البرلمان حق اقتراح تعديل الدستور.
2. إقرار مبدأ التعديل: تمنح معظم الدساتير البرلمان صلاحية البت فيما إذا كان هناك ضرورة لإجراء تعديل الدستور، كما تشترط بعض الدساتير موافقة الشعب على مبدأ التعديل بالإضافة إلى موافقة البرلمان.
3. إعداد التعديل: تختلف الدساتير في أساليب إعداد التعديل، فبعضها تنص على انتخاب هيئة خاصة مهمتها إعداد اقتراح التعديل، وتسند بعض الدساتير إلى الحكومة مهمة وضع مشروع التعديل وإعداده، فيما غالبية الدساتير تمنح صلاحية إعداد التعديل للبرلمان ضمن شروط معينة منها:
أ. اجتماع مجلسي البرلمان في هيئة مؤتمر لإعداد مشروع التعديل.
ب. اشتراط حضور أغلبية خاصة لصحة انعقاد البرلمان، وأغلبية خاصة لصحة القرار الصادر عنها.
ج. اشتراط حل البرلمان وانتخاب برلمان جديد يتولى مهمة التعديل.
4. إقرار التعديل بصفة نهائية: تضع بعض الدساتير سلطة إقرار التعديل بصفة نهائية بيد الهيئة ذاتها التي قامت بمهمة إعداده، وتعطي بعض الدساتير هذه الصلاحية إلى الشعب عن طريق الاستفتاء الدستوري.
--------------
نهاية الدساتير: يعني الإلغاء الشامل الكلي لجميع نصوصه، وفق أسلوبين:
1. الأسلوب العادي أو القانوني لانتهاء الدساتير: ويقصد به إلغاء الدستور واستبداله بدستور جديد يتلاءم مع التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وهذا الانتهاء القانوني يختلف باختلاف الدستور إذا ما كان عرفياً أو مكتوباً.. فتعديل الدستور العرفي جزئياً أو إلغاؤه كلياً يتم إما عن طريق إنشاء قواعد عرفية جديدة مخالفة للأعراف الدستورية القائمة، أو بإصدار دستور مكتوب يلغي الدستور العرفي ويحل محله.. أما بالنسبة للدساتير المدونة المرنة فيتم تعديلها بالطريقة نفسها والإجراءات التي من خلالها يتم تعديل التشريعات العادية وإلغاؤها. أما بالنسبة للدستور الجامد فلا بد من انتخاب جمعية تأسيسية أصلية لوضع مشروع الدستور الجديد.
2. الأسلوب الثوري أو الفعلي لإنهاء الدساتير: يقصد به إلغاء الدستور وإيقاف العمل به في أعقاب اندلاع ثورة أو وقوع انقلاب، والانقلاب في جوهره هو صراع على السلطة، أما الثورة فهي حركة اجتماعية مفاجئة يقوم بها الشعب بهدف إحداث تغيير جذري في النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
أ. الثورة الجزئية والثورة الشاملة: الثورة الجزئية تستهدف تغيير النظام السياسي فقط، والثورة الشاملة تتخطى ذلك إلى إحداث تغيير في النظام الاقتصادي والاجتماعي.
ب. حكومة الثورة أو الحكومة الواقعية: حكومة الثورة يُطلق عليها الحكومة الواقعية لأنها لا تستمد سلطتها من الدستور وإنما من الواقع الذي تمخضت عنه، وتتميّز بخاصتين:
1. أنها حكومة مؤقتة وانتقالية، لأنها تتولى السلطة لترسيخ أقدام الثورة والانتقال بالبلاد إلى النظام الجديد.
2. أنها حكومة تركيز للسلطات لأنها تجمع في يدها السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ج. النتائج القانونية للثورة:
1. أثر الثورة على الدستور: انقسم الفقه الدستوري إلى ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: يذهب إلى أن الدستور القائم يسقط بصفة تلقائية فور نجاح الثورة ودون حاجة إلى إصدار أي تشريع خاص ينصّ على هذه الإلغاء، لأن الغاية من الثورة القضاء على نظام الحكم القائم في ظل الدستور القديم.
الاتجاه الثاني: يرى أن نجاح الثورة لا يؤدي إلى سقوط الدستور تلقائياً، إذ قد يكون الهدف من الثورة المحافظة على الدستور وحمايته من عبث الحكام، لذا لا بد من صدور قرار رسمي عن قيادة الثورة أو الحكومة المؤقتة بإلغاء الدستور القديم إذا كانت تريد إلغاءه.
الاتجاه الثالث: يذهب إلى أن سقوط الدستور من عدمه يتوقف على طبيعة الأهداف التي قامت الثورة من أجل تحقيقها.
ولكن إذا سقط الدستور القائم بعد نجاح الثورة.. فهل تسقط جميع نصوصه أم أن هناك نصوصاً لا تسقط بسقوط الثورة؟
يرى الفقه الدستوري أن النصوص الدستورية التي تسقط هي النصوص الموضوعية المتعلقة بنظام الحكم الذي قامت الثورة ضده، أما النصوص المتعلقة بأمور ليس لها صفة دستورية فإنها لا تسقط بسقوط الدستور، وإنما تبقى نافذة كقوانين عادية بعد نزع الصفة الدستورية عنها.. وتسمّى هذه العملية "نظرية سحب الصفة الدستورية" والتي تعرضت لعدة انتقادات:
1. تصعب التفرقة بين النصوص ذات الطبيعة الدستورية وتلك ذات الطبيعة غير الدستورية.
2. إن هذه النظرية لم تميز بين حالة سقوط الدولة بطريقة تلقائية، وحالة الإعلان الصريح عن سقوطها، والحقيقية أن هذا الانتقاد ليس له أية قيمة قانونية.
2. أثر الثورة على النصوص الدستورية الخاصة بحقوق الأفراد وحرياتهم: يذهب معظم الفقهاء إلى أن سقوط الدستور بعد نجاح الثورة لا يؤثر على النصوص المتعلقة بحقوق الأفراد وحرياتهم للأسباب التالية:
1. لقد تمّ تكريس هذه الحقوق والحريات في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهذه الوثائق الدولية هي أسمى من دساتير الدول وقوانينها.
2. إن الحقوق والحريات الفردية تشكل ما يسمّى "الدستور الاجتماعي للأمة" الذي لا يتغيّر بتغير النظام السياسي في الدولة.
3. إن حقوق الأفراد وحرياتهم قد استقرت في الضمير الإنساني وأصبحت أسمى من النصوص الوضعية.
3. أثر الثورة على القوانين العادية: لا يؤثر نجاح الثورة على التشريعات العادية كالقانون المدني والجنائي بحيث تبقى نافذة إلى أن يتم إلغاؤها بالطرق العادية لإلغاء القوانين، ويعود السبب في ذلك إلى أن هذه التشريعات لا تتعلق بالنظام السياسي للدولة.
---------------------------
مبدأ سمو الدستور: يقصد بمبدأ سمو الدستور علو القواعد الدستورية وسيادتها على سائر القواعد القانونية الأخرى في الدولة.
السمو الموضوعي للدستور:
أولاً- مظاهر السمو الموضوعي للدستور: يتجلى السمو الموضوعي في مظهرين:
1. القواعد الدستورية: هي التي تحدّد طبيعة نظام الحكم في الدولة وتنشئ السلطات العامة فيها، بالإضافة إلى تحديد الأساس الفكري والفلسفي الذي ينهض عليه نظام الحكم في الدولة.
2. الدستور: هو الأصل والمصدر لكل نشاط قانوني في الدولة، فهو الذي يضع الإطار القانوني العام لجميع أوجه النشاط القانوني في الدولة، وذلك من خلال الاتجاهات السياسية والاجتماعية التي يجب أن تعمل في نطاقها النشاطات المختلفة في الدولة.
ثانياً- النتائج المترتبة على السمو الموضوعي للدستور:
1. تدعيم مبدأ المشروعية: إن مبدأ سمو الدستور يدعم ويقوي مشروعية خضوع الحكام والمحكومين، لأنه يتطلب خضوع الحكام والمحكومين لقواعده من جهة، وخضوع كافة التشريعات واللوائح والقرارات النافذة في الدولة لأحكامه من جهة أخرى.
2. حظر التفويض في الاختصاص: الدستور يحدد اختصاصات كل سلطة من السلطات العامة والهيئات الحاكمة على وجه التحديد، لذا لا يجوز لأي سلطة أن تتصرف فيما منحها إياه الدستور من اختصاصات بالتفويض إلا إذا تضمن الدستور نصاً صريحاً يجيز هذا التفويض وبغير ذلك يعتبر التفويض خرقاً لأحكام الدستور.
السمو الشكلي للدستور:
أولاً- مفهوم السمو الشكلي: ويقصد به وجوب إتباع إجراءات خاصة أشد وأكثر تعقيداً من الإجراءات المتبعة في تعديل القوانين العادية، وهذا لا يتحقق إلا في ظل الدساتير المدونة الجامدة، باعتبار أن الدساتير العرفية والمدونة المرنة لا تتمتع إلا بالسمو الموضوعي.
ثانياً- النتائج المترتبة على السمو الشكلي للدستور:
1. التفرقة بين القواعد الدستورية والقوانين العادية: القواعد الدستورية "القوانين الأساسية" تعتبر أساس جميع السلطات العامة في الدولة وهي أسمى وأعلى من القوانين العادية.
والاختلاف بين القواعد الدستورية والقوانين العادية هو اختلاف من حيث الموضوع ومن حيث الشكل.
من حيث الموضوع: يحدّد الدستور نظام الحكم في الدولة، وتشكيل السلطات العامة واختصاصاتها، أما القوانين العادية فتعالج موضوعات أقل أهمية كالقانون المدني.
من حيث الشكل: الدستور الجامد لا يعدل إلا وفق إجراءات خاصة تختلف عن الإجراءات التي يتم إتباعها في القوانين العادية.
2. النتائج المترتبة على التفرقة بين القواعد الدستورية والقوانين العادية:
1. الثبات النسبي للقواعد الدستورية قياساً بالقوانين العادية.
2. عدم جواز تعديل القواعد الدستورية أو إلغائها إلا بقواعد دستورية أخرى.
3. عدم جواز تعارض القوانين العادية مع القواعد الدستورية.
-------------------
الرقابة على دستورية القوانين:
أولاً- الرقابة السياسية على دستورية القوانين:
1. معنى الرقابة السياسية: هي رقابة وقائية تتم ممارستها من قبل هيئة سياسية، وتهدف إلى منع صدور القانون المخالف للدستور، فهي سياسية لأنها تعهد عملية الرقابة الدستورية إلى هيئة سياسية، وهي وقائية لأنها تهدف إلى الحيلولة دون إصدار القوانين غير الدستورية، وسابقة لأنها تمارس على القوانين قبل إصدارها.
2. نشوء وتطور الرقابة السياسية وأهم تطبيقاتها: ترجع هذه الفكرة إلى الثورة الفرنسية وقد استمرت فرنسا في تطبيقها حتى الآن.
3. تقدير الرقابة السياسية: تعرضت لعدة انتقادات يمكن إيجازها بما يلي:
أ. يغلب الطابع السياسي على تكوين المجلس الدستوري.
ب. إذا كانت رقابة دستورية القوانين تهدف إلى وضع حدّ للنزوات والأهواء السياسية ومنع السلطة التشريعية من الاستبداد والتسلط، فإن إسناد مهمة الرقابة إلى هيئة ذات طابع سياسي قد يؤدي إلى تسلط واستبداد هذه الهيئة الرقابية.
ج. المجلس الدستوري لا يمارس اختصاصه في الرقابة إلا أذا تحركت تلك الرقابة من بعض الهيئات العامة السياسية مثل رئيس الجمهورية، وهذا يؤدي إلى شل اختصاص المجلس في ممارسة الرقابة في حال تقاعس تلك الهيئات.
د. يؤدي حرمان الأفراد من حق تحريك الرقابة إلى حرمانهم من وسيلة هامة لضمان احترام حقوقهم وحرياتهم الدستورية.
ثانياً- الرقابة القضائية على دستورية القوانين: يقصد بالرقابة القضائية وجود هيئة قضائية تتولى مهمة الرقابة على دستورية القوانين، وهناك أسلوبان لهذه الرقابة:
1. رقابة الإلغاء: يقصد برقابة الإلغاء إقامة دعوى مباشرة أمام القضاء المختص بالرقابة الدستورية ينظر بطلب إلغاء أو بطلان قانون مخالف لأحكام الدستور، وقد تكون رقابة وقائية سابقة أو لاحقة وتسند إلى المحكمة العليا أو لمحكمة دستورية مختصة.
مزاياها: تقوم بتحديد جهة قضائية معينة، ما يحافظ على وحدة النظام القضائي ويحقق الاستقرار في المعاملات القانونية ويمنع تناقض أحكام المحاكم.
عيوبها: يعدّها البعض انتهاكاً لمبدأ فصل السلطات، لأن منح القضاء الحق في إلغاء القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية يشكل خروجاً عن مهمة القضاء وتدخلاً في عمل المشرّع.
2. رقابة الامتناع: يقصد بها امتناع القاضي عن تطبيق القانون غير الدستوري على قضية معروضة أمامه، وهي رقابة لاحقة لدعوى منظورة أمام القضاء.
مزاياها: لا تشكل خرقاً لمبدأ فصل السلطات، تثبت لجميع المحاكم ولا تحتاج لنص دستوري يسمح بها، تمتاز بالبساطة والمرونة، كما يجوز تقديم الدفع في أي وقت.
عيوبها: تعطي الحق لجميع المحاكم في ممارسة الرقابة الدستورية، ما يؤدي إلى صدور أحكام متناقضة ويعقّد النظام القضائي ويخلق حالة فوضى في المعاملات القانونية.
3. رقابة الامتناع المقترنة بالإلغاء: وتجيز الطعن في دستورية القوانين وأمام مختلف المحاكم أثناء نظرها في دعوى مرفوعة أمامها.
مقارنة بين رقابة الإلغاء ورقابة الامتناع:
1. تتم رقابة الإلغاء عن طريق الطعن بالقانون بدعوى مبتدأة يعني أنها وسيلة هجومية، في حين أن رقابة الامتناع وسيلة دفاعية.
2. تختص محكمة واحدة للنظر في دستورية القوانين بطريقة الإلغاء، بينما تختص جميع المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها بالنظر في رقابة الامتناع.
3. تفترض رقابة الإلغاء نصاً دستورياً ينظمها، بينما لا تحتاج رقابة الامتناع لمثل هذا النص.
4. في رقابة الإلغاء تقضي المحكمة بإلغاء القانون غير الدستوري، أما في رقابة الامتناع فيقتصر حكم المحكمة على الامتناع عن تطبيق ذلك القانون.
5. يكون لحكم الإلغاء في الدعوى الأصلية حجة مطلقة، بينما تكون حجة الحكم الصادر في رقابة الامتناع نسبية.
6. إن ممارسة رقابة الإلغاء قد تثير حساسية لدى السلطة التشريعية، بينما لا تثير ممارسة رقابة الامتناع مثل تلك الحساسية.
--------------
ثالثاً- رقابة دستورية القوانين في سورية
تكوين المحكمة الدستورية العليا: تتألف من رئيس وأربعة أعضاء يسميهم رئيس الجمهورية لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد.
اختصاصات المحكمة الدستورية العليا:
1. التحقيق في الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الشعب.
2. النظر والبت في دستورية القوانين قبل إصدارها بناءً على طلب من رئيس الجمهورية أو ربع أعضاء مجلس الشعب.
3. النظر والبت في دستورية المراسيم التشريعية بناءً على طلب من ربع أعضاء مجلس الشعب.
4. إبداء الرأي في دستورية المراسيم التشريعية بناءً على طلب من رئيس الجمهورية.
5. إبداء الرأي في قانونية المراسيم التشريعية بناءً على طلب من رئيس الجمهورية.
6. محاكمة رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى.
-------------
أسس التنظيم السياسي في الدولة
تقوم الدولة على ثلاثة أركان أساسية هي: الشعب، والإقليم، والسلطة السياسية السيادية.
الشعب: يتمثل الركن الأول لقيام الدولة بوجود الشعب.
1. الشعب والسكان: السكان يشملون المواطنين والأجانب، فيما الشعب هم مواطنو الدولة الذين يحملون جنسيتها.
2. الروابط الاجتماعية بين أفراد الشعب: وحدة الجنس والقومية، واللغة، والدين، والعادات والتقاليد، والتاريخ المشترك، ووحدة الآمال والأهداف.
3. الشعب الاجتماعي والشعب السياسي: يتحدّد مفهوم الشعب الاجتماعي في جميع مواطني الدولة الذين ينتمون إليها ويحملون جنسيتها. أما الشعب السياسي فيقتصر على الأفراد الذين يتمتعون بالحقوق السياسية وعلى الأخص حق الانتخاب.
4. الشعب والأمة: الأمة ظاهرة اجتماعية لأناس تجمعهم رغبة العيش المشترك.. وقد اختلف الفقهاء والباحثون حول تحديد العوامل التي تحول جماعة إلى أمة، فالنظرية الألمانية تقول بأن وحدة اللغة والأصل المشترك يمثلان العاملين الأساسيين لقيام الأمة، فيما ترى النظرية الفرنسية أن العامل الحاسم في تكوّن الأمة هو إرادة العيش المشترك.
أما الفرق بين الشعب والأمة، فهو أن الرابطة التي تجمع بين أفراد الأمة هي رابطة انتماء لا يترتب عليها أي أثر قانوني. في حين الرابطة بين أفراد الشعب هي رابطة سياسية قانونية تفرض عليهم الولاء للدولة والخضوع لقوانينها.. والأمة قد تكون في دولة واحدة "الفرنسية والألمانية" أو في دول عدة "الدول العربية". وقد يكون الشعب خليطاً من عدة قوميات.
الإقليم: وجود الإقليم شرط ضروري لقيام الدولة، ويشمل النطاق الأرضي والحيّز المائي والمجال الجوي.
المميزات العامة لإقليم الدولة:
1. العنصر الأرضي هو الأساس.
2. مساحة الإقليم.
3. الفضاء والعمق.
4. توزع السكان على الإقليم.
5. وحدة الإقليم الجغرافية.
6. حدود الإقليم.
عناصر الإقليم:
1. العنصر الأرضي.
2. العنصر الجوي.
3. العنصر المائي أو البحري.
انعقد مؤتمر باريس حول الطيران فظهرت ثلاثة اتجاهات:
1. رأى أن الهواء ليس عنصراً من عناصر إقليم الدولة، وبالتالي لا يخضع لسيادتها وإنما يجب أن يكون مفتوحاً حراً أمام جميع الدول، وقد استند هذا الاتجاه إلى أن الهواء من العناصر التي لا يمكن حيازتها.
2. رأى أن الهواء الجوي من عناصر الإقليم وأنه يجب أن يخضع لسيادة الدولة الكاملة وأن القول بغير ذلك يعرّض أمن الدول واستقرارها لكثير من المخاطر، وانقسم هذا الاتجاه إلى رأيين: رأي ينطلق من ضرورة الاعتراف للدولة بكامل سيادتها على إقليمها الجوي مع إعطاء الحق للدول الأخرى بالطيران البريء عبر هذا الإقليم طبقاً للمعاهدات واتفاقات توقع عليها الدول المعنية.. ورأي يقسم الهواء إلى طبقتين طبقة ملاصقة للأرض والبحر في العلو تمتد إليها سيادة الدولة وطبقة لا تمتد إليها سيادة الدولة مفتوحة أمام الطيران الدولي.
3. استخدام الهواء في البث الإذاعي والأقمار الصناعية.
-----------------------
خصائص السلطة السياسية:
1. السلطة السياسية سلطة عليا تسمو على جميع السلطات الأخرى التي قد توجد في أجزاء الدولة وهي سلطة مركزية.
2. تحتكر السلطة السياسية القوة العسكرية المادية التي تجعلها قوة قاهرة تسيطر على كل أنحاء الدولة ولا تسمح بوجود أية تنظيمات عسكرية أخرى، فالسلطة السياسية تملك أكبر قوة في المجتمع ولا يجوز أن تقوم في المجتمع قوة أكبر من قوة السلطة السياسية.
3. السلطة السياسية سلطة أصلية ومستقلة لأنها السلطة التي تنبع منها جميع السلطات الأخرى الفرعية في الدولة.
4. السلطة السياسية سلطة مدنية تتمتع بالسيادة.. ومفهوم السيادة أن تكون السلطة السياسية عليا مطلقة، ودائمة تبقى وتستمر رغم تغير الحكام، وغير قابلة للتصرف لأن الحكام لا يملكونها وإنما لهم حق ممارستها فقط، وهي واحدة لا تتجزأ لأنها الإرادة العامة للشعب.
--------------
نشأة الدولة وأساس السلطة فيها:
النظريات الغيبية، النظريات العقدية، النظريات غير العقدية.
النظريات الغيبية أو التيوقراطية:
مرحلة تأليه الحاكم.
مرحلة الحق الإلهي المباشر.
مرحلة الحق الإلهي غير المباشر.
النظريات غير العقدية:
1- نظرية القوة.
2- نظرية التطور العائلي أو الأسروي.
3- نظرية التطور التاريخي.
4- النظرية الماركسية.
5- نظرية واقعة إعلان الدستور.
6- نظرية واقعة التميز السياسي.
أرسطو أوضح أنه توجد فروق عديدة بين السلطة الأبوية والسلطة السياسية:
1. السلطة الأبوية دائمة لمدى حياة الأب، في حين أن السلطة السياسية ليست دائمة للحاكم.
2. السلطة الأبوية مطلقة، أما السلطة السياسية مقيدة بالتزامها العمل لصالح الجماعة.
3. السلطة الأبوية تقوم على أساس تميز الأب على أفراد أسرته وعدم المساواة بينه وبينهم، فيما تقوم السلطة السياسية على أساس المساواة.
الانتقادات الموجهة لنظرية التطور العائلي أو الأسروي:
1. إن الأسرة ليست سابقة في وجودها على الدولة بل ظهر تنظيم الأسرة في ظل الدولة وكنتيجة لقيامها.
2. من ناحية أخرى يقال إن سلطة الأم كانت سابقة على سلطة الأب، حيث لم يكن من المتصور وجود سلطة أبوية في عصر المشاعية الجنسية لأن الأبناء لم يعرفوا سوى أمهاتهم في تلك الحقبة.
3. يؤخذ على هذه النظرية أن أهداف الدولة أوسع بكثير من أهداف الأسرة.
4. من الخطأ تشبيه السلطة السياسية في الدولة التي تتميز بأنها مجردة ودائمة بالسلطة الأبوية لرب الأسرة وهي سلطة شخصية.
5. تنتهي سلطة الأب بموته بينما السلطة السياسية دائمة لا تتأثر بموت الحاكم، إنها دائمة بدوام الدولة.
النظريات العقدية:
أفكار العقد الاجتماعي عند توماس هوبس:
1. إن الإنسان ليس مخلوقاً اجتماعياً بطبيعته كما يرى أرسطو ولكنه مخلوق أناني محب لذاته.. والحاكم المفرد لم يكن طرفاً في العقد ومن ثم فلا هو تنازل عن حقوقه ولا هو ملزم بشيء حيال أفراد المجتمع.
2. إن أفراد المجتمع بعد أن تنازلوا للحاكم عن كامل حقوقهم وحرياتهم الطبيعية ليس لهم الحق بمطالبة الحاكم باحترام حقوقهم وحرياتهم لأنه لم يكون طرفاً في العقد.
نظرية هوبس هي تبرير للسلطة المطلقة للملوك وتسويغ انتهاك الحقوق والحريات الفردية.
أفكار العقد الاجتماعي عند جون لوك:
تم التعاقد بين الجماعة من جهة والحاكم من جهة أخرى، إذاً الحاكم كان طرفاً في العقد وفي هذا العقد لم يتنازل الأفراد عن جميع حقوقهم وإنما تنازلوا فقط عن جزء يكفي لقيام السلطة السياسية وصيانة النظام العام.. لا يحق للحاكم تجاوز الأهداف والشروط المتفق عليها في العقد لأنه طرف فيه، فإن تجاوزه يفقد أساس مشروعية سلطته ومبرر بقائها.
جون لوك وضع نظريته للحد من السلطات الاستبدادية للملوك وتقييدها لصالح حقوق المواطنين وحرياتهم.
أفكار العقد الاجتماعي عند جان جاك روسو:
1. يتفق مع لوك بأن الحياة الفطرية لم تكن حياة فوضى واضطراب وصراع وإنما كانت تسودها الحرية والمساواة.
2. قرر أفراد الجماعة بالتعاقد الانتقال من حياة الفطرة إلى حياة الجماعة السياسية.
3. لقد تعاقد الأفراد مع شخص افتراضي هو ذات الجماعة بصفتها السياسية، وتنازلوا للجماعة السياسية عن كامل حقوقهم الطبيعية لكن ليس بدون مقابل، وإنما استعاض كل منهم عن حقوقه الطبيعية بحقوق مدنية تتمتع بحماية الجماعة السياسية لها.
جعل جان جاك روسو السلطة خاضعة لإرادة المجموع أي لسيادة الشعب، وكان لأفكاره أكبر الأثر على الفلسفة السياسية للثورة الفرنسية وعلى إعلان الحقوق الذي صدر في أعقابها.
---------------------
خصائص الدولة
الشخصية القانونية للدولة: يترتب على تمتع الدولة بالشخصية القانونية المعنوية مجموعة من النتائج:
1. إن للدولة أهلية الالتزام واكتساب الحقوق والتعاقد وتوقيع المعاهدات والاتفاقيات وإقامة العلاقات الدبلوماسية وهي تملك حق التقاضي كما أن لها ذمة مالية مستقلة.
2. إن الدولة تتمتع بالسيادة الدستورية والقانونية، أي أنها تملك سلطة إصدار الدستور والقوانين، أي التنظيم الذاتي للدولة.
3. لما كانت الدولة شخصاً معنوياً فهذا يعني أنها لا تستطيع أن تباشر سلطاتها بذاتها، لذلك يعبر عن إرادة الدولة ويتولى كل مظاهر السلطة فيها أشخاص طبيعيون.
4. بما أن للدولة شخصية قانونية مستقلة عن شخصية الأفراد فإنه يوجد انفصال بين الدولة كصاحبة السلطة والسيادة وبين شخص الحاكم ويترتب على ذلك ما يلي:
- على الحاكم أن يعمل للصالح العام ولا يجوز له العمل لمصالحه الشخصية.
- انتهاء ولاية الحاكم لا يعني انتهاء الدولة.
- استمرار سريان القوانين رغم زوال الحكام.
- استمرار سريان ونفاذ المعاهدات والاتفاقيات الدولية بعد زوال من أبرموها.
المصادر التاريخية لفكرة الشخصية القانونية للدولة: هي فكرة حديثة فقد كان السائد في العصور الوسطى أن السيادة حق للأمير، ثم بدأ الفكر السياسي في ألمانيا على يد الفيلسوف كانت إلى أن الدولة شخص عضوي يتمتع بالسيادة المطلقة، ولا تعرف حدوداً أو قيوداً.
فيما أكد الألماني جيلينيك أن الدولة كيان يتمتع بأربع ميزات أصلية:
1. أنها كيان قانوني قائم بذاته ومستقل عن الأفراد المكونين للشعب.
2. هي الشخص القانوني الوحيد الذي له حق السيادة بكل صفاتها وآثارها.
3. لا تخضع لأية قيود ولا يجوز وضع الحدود لسلطانها ولا توجد إرادة أقوى من إرادتها.
4. تملك وحدها أن تضع القيود على سلطانها بإرادتها.
مذهب رفض فكرة الشخصية القانونية للدولة: ظهر في الفقه الدستوري الحديث مذاهب تنكر أن يكون للدولة شخصية قانونية مستقلة، حيث يرى الفقيه الفرنسي ديجي أن الدولة ظاهرة اجتماعية طبيعية تلقائية تظهر بمجرد وقوع ظاهرة الاختلاف السياسي.. أما الفقيه جورج سيل فذهب إلى أن الدولة ليست إلا آلة صنعها الإنسان وجعلها على قمة المجتمع.
طبيعة الشخصية القانونية للدولة: اختلف الفقهاء حول تحديد طبيعة الشخصية القانونية وانقسموا إلى اتجاهين:
1. اتجاه يرى أن الشخصية القانونية للدولة هي حقيقة قانونية واقعة فعلاً.
2. اتجاه يرى شخصية الدولة القانونية هي مجرد افتراض وهي شخصية قانونية على سبيل المجاز لا باعتبارها حقيقة موجودة.
النتائج المترتبة على الاعتراف بالشخصية القانونية للدولة:
1. الأهلية القانونية للدولة: أي قدرة الدولة قانوناً على تحمّل الالتزامات واكتساب الحقوق والقيام بالتصرفات القانونية والمادية.
2. ذمة مالية مستقلة: للدولة ذمة مالية مستقلة عن ذمة الأمير أو الحاكم.
3. الدولة وحدة قانونية مستقلة ودائمة: يترتب على هذه النتيجة مجموعة من الآثار:
- يمارس الحكام مظاهر سيادة الدولة باعتبارها ملكاً للدولة.
- الدولة وحدة قانونية واحدة بمعنى أن تعدّد سلطات الدولة وتعدّد الأشخاص الذين يمارسون هذه السلطات لا يمسّ إطلاقاً وحدة الدولة القانونية.
- إن شخصية الدولة مستقلة عن شخصية الحكام.
- تبقى المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تبرمها الدولة مع غيرها سارية المفعول بغض النظر عن زوال ممثلي الدولة.
- تبقى القوانين كافة التي تصدرها الدولة سارية المفعول وواجبة الاحترام والتنفيذ بغض النظر عن الأشخاص الذين أصدروها.
-------------------
السيادة
مظاهر السيادة
أولاً- السيادة الداخلية والسيادة الخارجية.
السيادة الداخلية: وتعني سلطة الدولة على جميع المقيمين داخل حدودها، وفي وضع الدستور وإصدار القوانين واحتكار القوة العسكرية.
السيادة الخارجية: تعني عدم خضوع الدولة لأية دولة أو سلطة أجنبية وتمتعها بالاستقلال الكامل في مواجهة بقية دول العالم.
ثانياً- السيادة الإقليمية والشخصية:
السيادة الإقليمية: تعني أن الدولة تمارس سيادتها وسلطتها على كل من يوجد داخل إقليمها بصرف النظر عن كونه من مواطنيها أم من الأجانب.
السيادة الشخصية: قد تحدّد الدولة ممارسة مظاهر سيادتها بالأشخاص المكونين لشعبها، والذين يحملون جنسيتها سواء كانوا على إقليم الدولة أم على إقليم دولة أجنبية.
ثالثاً- النظريات الحديثة للسيادة.
نظرية سيادة الأمة:
مضمونها: تقوم هذه النظرية على أساس أن الأمة شخص اعتباري قانوني مستقل تماماً عن أشخاص الأفراد المكونين لها، وأن الأمة هي صاحبة السيادة تمارسها باسم "الإرادة العامة".
النتائج المترتبة على نظرية سيادة الأمة:
1. وحدة السيادة وعدم تجزئتها ووجوب اختيار من يمارسون السلطة.
2. ممارسة الأفراد لعملية الانتخاب تعتبر وظيفة وليست حقاً.
3. يعتبر النائب في المجلس النيابي ممثلاً للأمة بمجموعها وليس مجرد نائب عن حزبه السياسي.
4. لا تتمثل الأمة في الجيل الحاضر فقط، إنما تشمل جميع الأجيال السابقة والحالية والمستقبلية.
الانتقادات الموجهة إلى نظرية سيادة الأمة:
1. إن اعتبار الأمة شخصية قانونية معنوية مستقلة، أدى إلى وجود شخصين معنويين على إقليم الدولة يتنازعان السيادة هما: الأمة والدولة.
2. إن نظرية سيادة الأمة تجعل إرادة الأمة إرادة سامية مطلقة لا يجوز للأفراد معارضتها وهذا يؤدي إلى الاستبداد وقيام الحكم المطلق.
3. إن هذه النظرية خطرة على حقوق الأفراد وحرياتهم، وتبرّر اقتصار ممارسة حق الانتخاب على بعض المواطنين.
4. يشهد التاريخ أن الأنظمة التي قامت في ظل نظرية سيادة الأمة كانت في غالبيتها العظمى أنظمة استبدادية.
5. إن القول بأن الأمة التي تملك السيادة تشمل الأجيال الماضية والحالية والمستقبلة، يكون في استطاعة الحاكم تعطيل رأي الأغلبية بذريعة أنه يضر بمصالح الأجيال القادمة مما يؤدي إلى الاستبداد.
نظرية سيادة الشعب
مضمونها: تقوم هذه النظرية على أن السيادة ليست ملكاً لشخص اعتباري مستقل عن أفراد الجماعة أو الشعب، وإنما هي ملك لكل أفراد الشعب.
نتائج نظرية سيادة الشعب:
1. الانتخاب وفقاً لهذه النظرية هو حق لكل أفراد الشعب لأنهم يملكون جزءاً من السيادة.
2. لا يمثل النائب في المجلس النيابي مجموع الأمة، وإنما يعتبر وكيلاً عن الناخبين في دائرته الانتخابية.
3. إن القانون والإرادة العامة يعبّران عن إرادة الأغلبية الحاضرة، وليس عن إرادة ومصالح الأجيال الماضية والحاضرة والمستقبلية.
4. تتناسب هذه النظرية مع الديمقراطية المباشرة وشبه المباشرة والنيابية.
5. تجزئة السيادة بين أفراد الشعب، واعتبار رأي الأغلبية تعبيراً عن الإرادة العامة.
الانتقادات الموجهة إلى نظرية سيادة الشعب:
1. إن هذه النظرية لا تحول دون الاستبداد لأن حق عزل النواب من قبل الناخبين معقد جداً.
2. مسؤولية النواب أمام دوائرهم الانتخابية قد تجعلهم يغلّبون المصالح المحلية لدوائرهم الانتخابية على الصالح العام.
3. تؤدي نظرية سيادة الشعب إلى تقسيم السيادة.
----------------------------
أشكال الدول
الدولة البسيطة أو الموحدة: وهي الدول التي تكون فيها السيادة موحدة، وتتركز السلطة في يد حكومة واحدة، ويكون شعبها وحدة بشرية متجانسة، يخضع لدستور واحد وقوانين واحدة، داخل إقليم الدولة الموحّد.
للدول الموحدة عدة خصائص:
1. وحدة التنظيم الحكومي، أي وجود جهاز حكومي موحد يؤدي جميع وظائف الدولة.
2. وحدة الجهاز التشريعي والسلطة القضائية.
3. يخضع الجميع في الدولة الموحدة للقرارات الصادرة عن الهيئات الحاكمة.
4. وحدة الدستور، أي وجود دستور يطبق في كل إقليم الدولة.
5. يغطي التنظيم الحكومي الموحد جميع أجزاء إقليم الدولة.
6. يرى بعض الفقهاء أن الدولة الموحدة تكون متحدة في عنصرها البشري.
المركزية الإدارية: وهي أسلوب في تنظيم السلطة الإدارية، يقوم على حصر وتركيز الوظيفة الإدارية في الدولة بيد السلطة الإدارية المركزية في العاصمة. وتقوم على ركنين هما:
حصر سلطة التقرير والبت بيد السلطة الإدارية المركزية دون المجالس الإقليمية.
تبعية الموظفين وتدرجهم إدارياً، بمعنى أن يتخذ الجهاز الإداري في الدولة صورة الهرم.
وللمركزية الإدارية أسلوبان: أسلوب التركيز الإداري، وأسلوب عدم التركيز الأرضي.
مزايا المركزية الإدارية:
1- تدعيم سلطة الدولة وتوطيد أركانها.
2- تحقيق تجانس وتوحيد الأساليب الإدارية في كل أقاليم الدولة.
3- تقليص النفقات العامة.
4- امتياز موظفي الإدارة المركزية بالخبرة والكفاءة.
5- هي الأسلوب الملائم للنهوض بالمرافق التي تتطلب إمكانيات مالية ضخمة.
6- تحقيق العدالة في الاستفادة من بعض المرافق العامة.
الانتقادات عليها:
1- التركيز الشديد في السلطة الإدارية.
2- عدم تعرف الإدارة المركزية على حقيقة المشكلات التي تواجه أقاليم الدولة.
اللامركزية الإدارية: وتعني توزيع السلطات والاختصاصات بين الإدارة المركزية في العاصمة والوحدات الإدارية المرفقية أو المحلية ذات الشخصية الاعتبارية والتي تسمّى الإدارة المحلية. وتقوم على ثلاثة عناصر: وجود مصالح متميزة، وهيئة أو مجلس منتخب، ورقابة من الإدارة المركزية على المجالس المحلية المنتخبة.
وأسلوب اللامركزية الإدارية لا يتناقض مع وجود الدولة الموحّدة للأسباب التالية:
1- اللامركزية الإدارية تطبق في مجال العمل الإداري فقط.
2- حق الرقابة المركزية على المجالس المحلية يحقق وحدة الدولة والسلطة.
3- اختصاص المجالس ليس شاملاً لكل النشاط الإداري.
مزايا اللامركزية الإدارية:
1- إشراك المواطنين في إدارة شؤونهم المحلية عبر انتخاب مجالس محلية.
2- نجاح أي مرفق يقتضي تضافر الإدارة المركزية مع الجهود الشعبية.
3- نظام الإدارة المحلية يحسن الأداء الإداري ويقضي على الروتين.
----------------------
أهداف نظام الإدارة المحلية في سورية:
1- تطبيق مبدأ الديمقراطية الشعبية.
2- الوحدات الإدارية مسؤولة عن الشؤون التي تهم المواطنين.
3- نقل الاختصاصات المتعلقة بالشؤون المحلية للسلطات المحلية.
4- الاستفادة من ذوي الخبرة والكفاءة للنهوض بالمجتمع.
5- إدارة الشؤون المحلية منوطة بهيئة منبثقة عن إرادة المواطنين.
-----------------
الدول المركبة أو الاتحادية: وهي التي تتشكل نتيجة التقاء دولتين أو أكثر ودخولها في إطار اتحادي واحد، يضم عدداً من السلطات التي تتعدد بتعدد الدول الموجودة في هذا الاتحاد.
الاتحاد الشخصي: ينشأ الاتحاد الشخصي بين دولتين أو أكثر إذا قام على رأس الدولة رئيس واحد، على أن تحتفظ كل دولة بكل عناصر استقلالها الداخلي والخارجي. وبطريقتين: إما وراثة العرش أو الاتفاق بين دولتين أو أكثر.
النتائج التي تترتب على الاتحاد الشخصي:
1. احتفاظ كل دولة من دول الاتحاد الشخصي بكامل استقلالها وسيادتها.
2. تحتفظ كل دولة بنظامها السياسي والدستوري.
3. لا يترتب على قيام الاتحاد الشخصي أن تفقد الدول الداخلة في الاتحاد شخصيتها الدولية.
4. تلتزم كل دولة من دول الاتحاد الشخصي وحدها بنتائج وآثار تصرفاتها.
5. قانوناً يكون لكل دولة من دول الاتحاد الشخصي ممثلوها الدبلوماسيون والقنصليون في الخارج.
الاتحاد الاستقلالي أو التعاهدي أو الكونفدرالي: وهو اتحاد يقوم نتيجة الاتفاق بين دولتين أو أكثر بموجب معاهدة دولية على الدخول في الاتحاد التعاهدي مع احتفاظ كل دولة بكامل استقلالها وسيادتها مثال: جامعة الدول العربية – الاتحاد الأوروبي.
سمات الاتحاد التعاهدي:
1. احتفاظ كل دولة عضو في الاتحاد بشخصيتها الدولية واستقلالها وسيادتها الكاملين، فالاتحاد التعاهدي لا يعتبر دولة اتحادية وإنما اتحاد دول.
2. يبقى لكل دولة من دول الاتحاد تمثيلها الدبلوماسي والقنصلي الخاص بها.
3. إذا نشبت حرب بين إحدى دول الاتحاد ودولة أجنبية، فإن باقي الاتحاد لا تلتزم بالدخول في هذه الحرب.
4. يحق لكل دولة عضو في الاتحاد التعاهدي أن تنفصل عن الاتحاد إذا قدّرت ذلك في مصلحتها.
5. يحتفظ رعايا كل دولة من دول الاتحاد بجنسيتهم الخاصة ويعتبرون أجانب بالنسبة لباقي دول الاتحاد.
التكييف القانوني للاتحاد التعاهدي:
أثارت هذه المسألة جدلاً فقهياً، حيث برز تياران بهذا الخصوص:
1. تيار يرى أن للاتحاد التعاهدي شخصية دولية مستقلة عن الشخصيات الدولية للدول المكونة له، على الرغم من أن شخصيتها ناقصة تمثلها الهيئة الاتحادية.. ويستند هذا الرأي إلى أن للاتحاد إرادة مستقلة ومالية وهيئات خاصة ويجسد أوجه اتفاق خاصة بين الدول الأعضاء.
2. وتيار آخر ينكر أن يكون للاتحاد التعاهدي شخصية دولية، لأن قيام هذا الاتحاد لا يؤدي إلى انقضاء شخصية الدول المكونة له، حيث تحتفظ كل منها بكامل شخصيتها الدولية الأمر الذي لا يجوز معه أن يمثلها كذلك شخصية دولية أخرى هي الاتحاد.
الاتحاد الفعلي أو الحقيقي: هو اتحاد جزئي يقوم بموجب معاهدة، ويؤدي إلى فقدان الدول الأعضاء شخصيتها الدولية وتكوين شخصية دولية جديدة هي الدولة الاتحادية، على أن تحتفظ كل دولة بدستورها وقوانينها ونظامها الإداري في الداخل، مثال: اتحاد السويد والنرويج.
يترتب على الاتحاد الحقيقي مجموعة من النتائج أهمها:
1. توحيد السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والقنصلي.
2. وحدة رئيس الدولة.
3. تتولى دولة الاتحاد وحدها إبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
4. انقضاء الشخصية القانونية لكل دولة من دول الاتحاد وظهور شخصية دولية واحدة هي شخصية الاتحاد.
5. الحرب التي يمكن أن تنشب بين أي دولة من دول الاتحاد ودولة أجنبية أخرى تعتبر حرباً بين هذه الأخيرة وجميع دول الاتحاد.
6. تحتفظ كل دولة من دول الاتحاد بكامل سيادتها في الشؤون الخارجة عن نطاق الاتحاد.
الاتحاد المركزي الفيدرالي: هو اتحاد يضم دولاً عدة تندمج جميعها في دولة اتحادية واحدة تتولى جميع الشؤون الخارجية باسم جميع الأعضاء كالاتحاد السوفييتي.
كيفية قيام الاتحاد المركزي وانتهاؤه:
1. رغبة عدد من الدول المستقلة في إنشاء اتحاد مركزي يحفظ لها استقلالها الداخلي ويؤكد وحدة سياستها الخارجية.
2. الطريقة الثانية تحدث عند تفكك دولة موحدة إلى عدة دويلات صغيرة فتتحد ضمن إطار اتحاد فيدرالي مركزي.
مظاهر الوحدة في الاتحاد المركزي:
1. مظاهر الوحدة على الصعيد الدولي والخارجي: وتتمثل في ثلاثة مظاهر:
تتمتع الدولة الاتحادية وحدها بالشخصية القانونية الدولية بعد أن تزول الشخصية القانونية الدولية لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد المركزي.
يقوم الاتحاد المركزي على إقليم موحد مكوّن من مجموع أقاليم الدويلات الأعضاء، ويعتبر أي اعتداء على أي جزء اعتداء على هذا الإقليم.
يتمتع جميع مواطني الاتحاد المركزي بجنسية واحدة هي جنسية الاتحاد.
2. مظاهر الوحدة في الميدان الداخلي:
الدستور الاتحادي: يحتل الدستور الاتحادي مكانة هامة لأنه يمثل الأساس القانوني الذي يقوم عليه الدولة الاتحادية.. والدستور الاتحادي هو دائماً دستور مكتوب وجامد لا يجوز تعديله بقانون عادي.
السلطة التشريعية الاتحادية: وتختص هذه السلطة بإصدار التشريعات المتعلقة بالشؤون الخارجية والدفاع، وهذه التشريعات واجبة التنفيذ في كل دويلات الاتحاد.
السلطة التنفيذية المركزية: تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية من رئيس الدولة والحكومة الاتحادية، رئيس الدولة ينتخب عن طريق شعب الدولة الاتحادية في مجموعه.
ويتم تنفيذ القوانين والقرارات وفق ثلاثة أساليب هي: الإدارة المباشرة، الإدارة غير المباشرة، والإدارة المختلطة.
السلطة القضائية الاتحادية: وتتولاها محكمة اتحادية عليا لحل الخصومات بين الولايات ومراقبة دستورية القوانين الاتحادية.
توزيع الاختصاصات بين الدولة الاتحادية والولايات:
تتولى الدساتير الاتحادية عادة مهمة توزيع هذه الاختصاصات بثلاث طرق رئيسية:
1. تحديد اختصاصات كل من الدولة الاتحادية والولايات على سبيل الحصر.
2. حصر الاختصاصات التي تكون للدولة المركزية وترك ما عداها من اختصاصات للدويلات.
3. تحديد اختصاصات الولايات على أن تكون بقية الاختصاصات للدولة الاتحادية.
-----------------------
مبدأ خضوع الدولة للقانون
التمييز بين فكرة الدولة القانونية وغيرها من المصطلحات والمفاهيم:
السلطة الشرعية: هي الحكومة التي تستند إلى رضا المحكومين وقبولهم لها.
الحكومة القانونية أو المشروعة: وتعني قيام السلطة وفقاً لأحكام الدستور، فإما أن تخضع للقانون فتكون الدولة قانونية، أو لا تخضع فتكون استبدادية.
مبدأ سيادة حكم القانون: وتعني خضوع السلطات التنفيذية والإدارية لحكم القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية.
التمييز بين الدولة الاستبدادية والدولة البوليسية:
الدولة الاستبدادية: هي تلك التي لا تخضع لأي قيد أو قانون وليس للأفراد في مواجهتها أي حق من أي نوع، وهي تعمل وتسعى فقط لتحقيق مصلحة الحاكم.
الدولة البوليسية: هي تتفق مع الدولة الاستبدادية في أنها لا تخضع لأي قانون ولا يوجد أي قيد على إرادتها ولكن الدولة البوليسية تعمل لتحقيق صالح الجماعة.
مصادر فكرة خضوع الدولة للقانون
نظرية الحقوق والقانون الطبيعي: ترى هذه النظرية أن سلطة الدولة مقيدة بقواعد القانون الطبيعي على أساس أن هذه القواعد قديمة قدم الوجود وتعبر عن العدالة المطلقة. يؤخذ على هذه النظرية أنها تتحدث عن قانون طبيعي دون أن تحدّد القواعد التي يتضمنها ولذلك لا تصلح لتحديد سلطان الدولة.. وهي لا تصلح كأساس لتبرير ضرورة خضوع الدولة للقانون.
نظرية الحقوق الطبيعية الفردية: تقوم هذه النظرية على أساس أن الإنسان قبل قيام الدولة كان يتمتع بحقوق طبيعية، وأنه حين وافق على قيام الدولة بموجب العقد الاجتماعي المفترض لم يتنازل عن هذه الحقوق وإنما كان يهدف إلى حماية هذه الحقوق والحفاظ عليها من قبل الدولة.
وقد قامت الثورة الفرنسية على أساس هذه النظرية التي سادت خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر.
الانتقادات التي تعرضت لها:
1. عدم وجود حقوق طبيعية للإنسان لأنه لم يعش إطلاقاً حياة العزلة، لذلك لا يمكن القول بوجود حقوق طبيعية للإنسان سابقة إلى انضمامه للجماعة السياسية المنظمة.
2. على فرض أن الإنسان الفرد كان يعيش في عزلة فلا يمكن أن يكون له حقوق لأن الحق إنما ينشأ في مواجهة الآخرين.
نظرية التحديد الذاتي: تقوم هذه النظرية على أساس أنه لا يجوز تحديد سلطان الدولة من خلال إرادة أو سلطة أخرى لأن ذلك يتعارض مع مبدأ سيادة الدولة وأن إرادتها أعلى الإرادات وسلطتها أقوى السلطات.
الانتقادات:
1. إن خضوع الدولة للقوانين التي تقوم بوضعها وتعديلها متى تشاء بإرادتها ليس قيداً حقيقياً على سلطات الدولة.
2. إن القول بأن الدولة هي التي تخضع للقانون بإرادتها يؤدي إلى الاستبداد والقضاء على فكرة الدولة القانونية تماماً.
نظرية التضامن الاجتماعي: وضع هذه النظرية الفقيه الفرنسي ديجي، وتقوم على إنكار الشخصية المعنوية للدولة وإنكار فكرة السيادة، وأن خضوع الدولة للقانون لابد وأن يكون لسبب خارج عن إرادة الدولة إنه التضامن الاجتماعي. وبالتالي فإن القاعدة القانونية لا تكتسب قانونيتها وقوتها الملزمة من أن الدولة هي التي أصدرتها وإنما من اتفاقها مع مقتضيات التضامن الاجتماعي.
الانتقادات:
1. إن القانون الوضعي لا يكتسب صفته القانونية ولا تكون له قوة الإلزام إلا إذا صدر عن السلطة المختصة التي تحدد مضمونه، وبالتالي لا يمكن القول بأن القواعد القانونية تكتسب صفتها من اعتناق الأفراد لها ورسوخها في ضميرهم لأنه قول غير واقعي.
2. إن القواعد القانونية يجب أن تكون محددة ووجدان الجماعة وضميرها ومقتضيات التضامن الاجتماعي كل ذلك لا يقدم قواعد قانونية محددة مما يعني انهيار الأساس المنطقي لنظرية التضامن الاجتماعي.
عوامل وضمانات قيام الدولة القانونية
وجود الدستور: وهو الضمانة الأساسية للأسباب التالية:
1- الدستور هو الذي يحدّد طبيعة نظام الحكم في الدولة.
2- يحقق الدستور الفصل بين الحاكم والسيادة وبين القانون وإرادة الحاكم.
3- يمثل الدستور قمة النظام القانوني لأنه يسمو على كافة القواعد القانونية.
تدرج القواعد القانونية: وتتسلسل من حيث قوتها وقيمتها القانونية من الأعلى إلى الأسفل، الدستور وتليه القوانين التشريعية ومراسيم رئيس الجمهورية، ثم تليها الأنظمة الإدارية وهي على نوعين:
مراسيم تنظيمية تصدر عن الرئيس بناءً على تفويض من السلطة التشريعية.
ومراسيم تنظيمية تصدر عن الرئيس أثناء ممارسته لاختصاصاته المحددة في الدستور.
------------
الفصل بين السلطات
مبدأ سيادة حكم القانون: ويعني خضوع السلطة التنفيذية للقوانين الصادرة عن السلطة التشريعية.
قيام رقابة قضائية مستقلة: وهو ضمانة أساسية من ضمانات قيام الدولة القانونية. إذا توفرت لها الشروط التالية:
1- أن تتولاها هيئات قضائية مستقلة تتمتع بالحصانة والحياد.
2- يجب أن تتولى سائر أمور القضاة.
3- يجب أن تخضع الدولة بجميع هيئاتها للرقابة القضائية.
الحريات الفردية والحريات العامة: هدف الدولة القانونية منع الاستبداد وحماية حقوق وحريات الأفراد، وخاصة مع ظهور الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والتي تتكفل الدولة بتحقيقها.
-----------------------
السلطة "الحكومة" في الدولة
مفهوم الحكومة طبقاً للمعيار العضوي: وتأخذ ثلاثة معاني:
1- يقصد بالحكومة مجموع الهيئات المسؤولة عن تسيير شؤون الدولة والتي تضطلع بالسلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
2- وقد ينصرف إلى أن الحكومة هي السلطة التنفيذية فقط، أي الرئيس ومجلس الوزراء.
3- وقد تستعمل الحكومة للدلالة على الوزارة أو مجلس الوزراء فقط.
مفهوم الحكومة طبقاً للمعيار الموضوعي: وينصرف إلى تحديد طبيعة النظام السياسي في الدولة وكيفية إسناد السلطة السياسية وأسلوب ممارستها.
أنواع السلطة:
السلطة الجماعية: وهذا النوع كان سائداً في المجتمعات البدائية، حيث كانت السلطة جماعية على الرغم من وجود مجالس شعبية تمارس السلطة في بعضها.
السلطة الفردية: نشأ هذا النوع من السلطة في المجتمعات المستقرة نسبياً بعد انقضاء السلطة الجماعية والاتجاه إلى الزراعة والملكية الفردية، وقد لعب الدين دوراً هاماً في دعم السلطة الفردية، لذلك كان للسلطة السياسية صفة دينية.
السلطة المؤسسة: وهي السلطة السياسية المؤطرة من خلال تنظيم سياسي وقانوني، بحيث تنفصل السلطة عن الشخص الذي يمارسها وتصبح وظيفة وليس امتيازاً شخصياً.
أما شرعية السلطة المؤسسة فتتجسد بالعوامل التالية:
1- الزعامة السياسية ومدى قدرتها على التعبير بوضوح عن قيم الجماعة وأهدافها.
2- الإيديولوجيا ودورها في تكوين سلوك سياسي جماعي أساسه التوافق بين أهداف السلطة وطموحات المجتمع وآماله.
---------------------------
أشكال الحكومات
الحكومة من حيث ممارسة السيادة
الديمقراطية المباشرة: وتقوم على مبدأ أن الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطة، ومن ثم فإن المنطق يقضي بأن يمارس الشعب بنفسه ودون تفويض أو تمثيل كافة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.. وبالتالي لا توجد هيئة برلمانية ولا حكومة ولا قضاة ولا محاكم (أثينا القديمة، سويسرا).. وهذا النظام يحقق مزايا متعددة لكنه لا يصلح للتطبيق في الدول المعاصرة للأسباب التالية:
1- الكثافة السكانية المرتفعة والمساحات الشاسعة والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية.
2- اتساع حجم الوظائف والمهام الملقاة على عاتق الدولة المعاصرة.
3- عدم توفر النضج السياسي الضروري لإدارة الشؤون العامة.
4- الحاجة إلى السرية في مناقشة وإدارة الشؤون العامة.
الديمقراطية التمثيلية: ويقوم الشعب صاحب السيادة فيها بانتخاب ممثلين يتولون ممارسة السلطة باسمه ونيابة عنه لمدة محددة.
أركان وركائز النظام النيابي:
1- وجود هيئة نيابية منتخبة من قبل الشعب وذات سلطة فعلية.
2- ضرورة أن يكون انتخاب البرلمان لمدة محددة ومؤقتة.
3- تمثيل النائب للأمة بأسرها.
إذا كان النائب عن دائرته فإنه لن يهتم إلا بشؤون ومصالح تلك الدائرة. أما إذا كانت وكالته عامة وشاملة فإنه يمثل الأمة بأكملها وفق النتائج التالية:
يستمد النواب صلاحياتهم من الأمة وليس من الدوائر التي تنتخبهم.
يحق للنائب الاشتراك في مناقشة أي موضوع يطرح في البرلمان.
نظرية التمثيل لم تعد تتوافق مع متطلبات الديمقراطية الاجتماعية، إذ لم يعد الانتخاب يقتصر على مجرد انتقاء ممثل لذاته، بل لبرنامج سياسي واجتماعي واقتصادي، كما تغيّرت طبيعة النيابة ولم تعد تمثيلية بل أقرب إلى الإلزامية، إضافة إلى استقلال النائب عن الناخبين.
نظريات تحديد العلاقة بين النواب والناخبين وتكييف هذه العلاقة من الناحية القانونية:
نظرية الانتخاب مجرد اختيار: يرى أنصار هذه النظرية أنه لا توجد أي علاقة قانونية بين النواب والناخبين. ومن ثم لا مجال للبحث في تكييف علاقة غير موجودة أصلاً.
والعلاقة بين البرلمان وهيئة الناخبين هي علاقة مستمرة بفعل العوامل التالية:
أ‌- إن تجديد البرلمان دورياً يحقق نوعاً من الرقابة الشعبية على أداء أعضاء البرلمان.
ب‌- أعضاء البرلمان لا يمكنهم تجاهل اتجاهات الرأي العام.
ت‌- في حال الخلاف بين البرلمان والسلطة التنفيذية وقيام الأخيرة بحل البرلمان يتم الاحتكام لجمهور الناخبين.
نظرية علاقة النواب بالناخبين هي علاقة سياسية: وترى هذه النظرية أن تكييف العلاقة بين النواب والناخبين في إطار النظريات القانونية المجردة الإلزامية جعلت النائب تابعاً لناخبيه بالمطلق. ومن هنا ترى هذه النظرية أن العلاقة بين النواب والناخبين ليست ذات طبيعة قانونية، وإنما هي علاقة سياسية تقوم على أساس من التعاون والتوازن بين البرلمان والشعب.
نظرية النيابة: وتقوم على فرض أن الأمة تقوم بإعطاء وكالة جماعية لمجموع النواب وتفويض عام غير محدّد لممارسة السلطة نيابة عنها، ويؤخذ على النظرية ما يلي:
1- تمتع الأمة بالشخصية القانونية يؤدي لوجود شخصيتين قانونيتين هما الأمة والدولة.
2- الأمة شخص مجرد ليس له إرادة إلا بوجوب من ينوب عنها.
3- النواب يعبّرون عن إرادة الأمة ولا نيابة في الإدارة.
4- لا توكيل سياسياً لأن الانتخاب هو اختيار لمن يراه الشعب أكثر صلاحية.
نظرية العضو: تتفق مع نظرية النيابة في افتراض الشخصية المعنوية القانونية للأمة ولكنها تختلف معها فيما عدا:
أ‌- الأمة لها إرادة جماعية واحدة لا تنفصل عنها ولا يمكن تفويضها.
ب‌- الهيئات المختلفة التي تتولى السلطة مجرد أعضاء في شخصية الأمة.
ويؤخذ على هذه النظرية أنها تفضي إلى الاستبداد وتبريره.
الديمقراطية شبه المباشرة: تجمع بين الديمقراطية المباشرة والنظام التمثيلي.
مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة:
الاستفتاء الشعبي: عرض موضوع معين على الشعب لإبداء الرأي فيه، وهو عدة أنواع: من حيث الموضوع (دستوري، تشريعي، سياسي).. من حيث الموعد (سابق، لاحق).. من حيث ضرورة إجرائه (إلزامي، اختياري).
الاعتراض الشعبي: إعطاء الحق لعدد معين من الناخبين في الاعتراض على قانون صادر عن البرلمان خلال مدة محددة.
الاقتراح الشعبي: إعطاء عدد معين من الناخبين حق اقتراح مشروعات قوانين على المجلس التشريعي الذي يتعين عليه مناقشتها والبت فيها.
حالات إقرار المشروع المقترح:
1- قد يقر البرلمان المشروع المقترح ويوافق عليه.
2- قد لا تكتفي بعض الدساتير بموافقة البرلمان بل تعرضه للاستفتاء الشعبي.
3- في حال رفض البرلمان يعرض المشروع للاستفتاء الشعبي.
4- تجيز بعض الدساتير طرح المشروع على الاستفتاء الشعبي مباشرة.
إقالة الناخبين للنواب: قد تمنح بعض الدساتير عدداً معيناً من الناخبين حق تقديم طلب بإقالة نائبهم وعزله من البرلمان قبل انتهاء مدة ولايته.
الحل الشعبي للمجلس النيابي: قد تذهب بعض الدساتير إلى إعطاء عدد معين من الناخبين يحدد الدستور حق طلب حل المجلس النيابي بكامله.
عزل رئيس الجمهورية: قد تذهب بعض الدساتير إلى منح عدد معين حق التقدم لعزل رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة رئاسته.
------------------------
الحكومات من حيث خضوعها للقانون
الحكومة القانونية: هي التي تخضع للقانون وتتصرف طبقاً لأحكامه ولما ينص عليه من قواعد وإجراءات بحيث تراعي جميع هيئاتها أحكام القوانين النافذة.
الحكومة الاستبدادية: وهي التي لا تخضع للقوانين ولا تتقيد بأحكامها فيما تقوم به من أعمال وتصرفات وما يصدر عنها من قرارات.
---------------------
الحكومات من حيث تركيز السلطة
الحكومة المطلقة: وهي التي تتركز فيها جميع السلطات والصلاحيات في يد شخص واحد أو هيئة واحدة، مع خضوع هذا الشخص أو تلك الهيئة للقوانين النافذة.
الحكومة المقيدة: وهي التي تخضع لأحكام الدستور، وتطبق مبدأ فصل السلطات، حيث تتوزع بين عدة هيئات تختص منها بمجال معين أو بإحدى السلطات الثلاث.
-------------------
الحكومات من حيث اختيار رئيس الدولة
الحكومة الملكية: هي التي يتولى فيها رئيس الدولة منصبه عن طريق الوراثة.. والنظام الملكي مطلق بيده كل السلطات، ودستوري السلطة للشعب والملك مجرد رمز لوحدة الدولة.
الحكومة الجمهورية: وهي التي يتقلد فيها رئيس الدولة منصبه عن طري الانتخاب ولمدة محددة بموجب الدستور.
-----------------
الحكومات من حيث تركيز السلطة
الحكومة الفردية: وهذا النظام تتركز فيه السلطة بيد شخص واحد ويباشرها بنفسه مهما اختلفت ألقابه سواء وصل إلى السلطة بالوراثة أو القوة.. وهذه الحكومة نوعان:
الحكومة الملكية المطلقة: تتركز السلطة بيد الملك وشخصه، وهو مطلق التصرف في شؤون البلاد دون محاسبة أو مراقبة أو مشاركة من أحد، ويميّز الفقه بين الملكية المطلقة الاستبدادية والملكية المطلقة القانونية.
الحكومة الديكتاتورية: وهي أن تتركز السلطة بيد شخص واحد يصل إلى منصبه اعتماداً على قوة شخصيته وكفاءته ومواهبه الشخصية.
وهناك قاسم مشترك بين الحكم الديكتاتوري والحكم الملكي المطلق، إذ أن السلطة تتركز بيد شخص واحد، لكن الملك يصل عن طريق الوراثة والديكتاتور بالقوة.
وهناك ديكتاتورية مذهبية على فلسفة معينة، وديكتاتورية تجريبية لا تستند إلى مذهب عقائدي، إنما تقوم على الممارسة والعوامل التجريبية.
الخصائص العامة للديكتاتورية:
1- شخصنة السلطة: حكومة شخصية للفرد القوي التي لا تستند إلى إرادة الشعب.
2- تركيز السلطة: تتركز كافة السلطات بيد الديكتاتور وحده. هو صاحب السلطة التنفيذية ويسنّ التشريعات وقائد الجيش ورئيس الحزب الواحد ورئيس السلطة القضائية.
3- انعدام الرقابة والمسؤولية: أي لا رقابة سياسية آو قضائية فهو روح الأمة ولا يمكن أن يخطئ.
4- انعدام الحقوق والحريات والعامة: عدم احترام القوانين وحقوق الأفراد وحرياتهم.
5- النظام الشمولي: تدخل الدولة في كافة المجالات.
6- نظام الحزب الواحد: الحزب الواحد هو تنظيم رسمي وحزب حكومي يعتمد على الطاعة العمياء.
حكومة الأقلية: وتعتبر مرحلة انتقالية بين الحكومة الفردية، حيث تتركز السلطة بيد شخص واحد أو حاكم واحد، وحكومة الشعب أو الحكومة الديمقراطية أولغاركية نخبة الأغنياء، وأرستقراطية أفراد متميزين.
تطور النظام السياسي مر بثلاث مراحل: حكومة الفرد، حكومة الأقلية، الحكومة الديمقراطية.
الحكومة الديمقراطية: هي النظام السياسي الذي يجعل الشعب مصدر السلطة والسيادة في الدولة، والمقصود هو الشعب السياسي لا الاجتماعي.
خصائص الديمقراطية التقليدية أو الغربية:
1- الديمقراطية التقليدية مذهب سياسي.
2- الديمقراطية التقليدية فردية.
3- الديمقراطية التقليدية تتأسس على مبدأ الحرية والمساواة القانونية.
4- الديمقراطية التقليدية تقوم على التعددية السياسية.
5- كفالة الديمقراطية التقليدية للحقوق والحريات الفردية.
أوجه الاختلاف بين الديمقراطية التقليدية والديمقراطية الماركسية:
1- تقوم الديمقراطية التقليدية على التعددية السياسية الإيديولوجية، بينما لا توجد تعددية إيديولوجية سياسية في ظل الديمقراطية الماركسية.
2- تعترف الديمقراطية التقليدية بالاختلاف بين سلطة الدولة وحريات الأفراد وتحاول التوفيق بينهما، أما الماركسية فتفرض وجود تطابق بين سلطة الدولة وحريات الأفراد، أي إن سلطة الدولة وقراراتها تترجم إجماع الأفراد وهذا غير واقعي إذ لا يمكن أن تتطابق الحرية الفردية مع سلطة الدولة ومصالحها.
---------------------------------------------------------


رد مع اقتباس
author-img

معلوماتي القانونية

Kommentare
    Keine Kommentare
    Kommentar veröffentlichen
      NameE-MailNachricht