JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
Home

عندما يفسر الحق في الحياة تفسيرا خاطئا : عقوبة الإعدام نموذجا نحو ائتلاف الإبقاء على عقوبة الإعدام

عندما يفسر الحق في الحياة تفسيرا خاطئا : عقوبة الإعدام نموذجا
نحو ائتلاف الإبقاء على عقوبة الإعدام




يظهر أن المشرع المغربي أبقى على عقوبة الإعدام في مسودة مشروع القانون الجنائي المطروح حاليا للنقاش و التداول، و قد أثار ذلك نقاشا حادا بين العديد من المهتمين و المتتبعين تمحور حول مدى ضرورة إبقاء أو إلغاء هذه العقوبة من التشريع الجنائي المغربي.
و قد اعتمد التيار المناهض لعقوبة الإعدام مجموعة من المسوغات أسس عليها أطروحته الرامية إلى إلغاء هذه العقوبة يمكن إجمالها فيما يلي :

ـ الإبقاء على عقوبة الإعدام يتعارض مع ثقافة الدستور الجديد التي تنص على الحق في الحياة؛
ـ عقوبة الإعدام لا تساير ولا تتماشى مع التوجه الذي يجب أن تأخذه المملكة المغربية التي تسعى إلى الإنخراط في المنظومة الدولية الخاصة بحقوق الإنسان و التي تنص على إلغاء هذه العقوبة؛
ـ بشاعة عقوبة الإعدام و قسوتها بما يتنافى و يتعارض مع المبادئ الإنسانية؛
ـ عدم نفاذ عقوبة الإعدام بالرغم من الحكم بها، حيث ظلت موقوفة التنفيذ منذ سنة 1993 مما يؤشر على عدم توفر إرادة الدولة في تطبيقها.

في حين استند الطرف المؤيد للإبقاء على عقوبة الإعدام على مجموعة من الأسباب لدعم موقفه يمكن تلخيصها فيما يلي :

ـ عقوبة الإعدام هي الرد المناسب على بشاعة الجرائم و قساوتها، و هو رد طبيعي على الأشخاص الذين تجرؤوا على ارتكاب مثل هذه الجرائم الخطيرة حماية للمجتمع؛
ـ إن الحق في الحياة يستوي فيه الضحية و المتهم، فهو عملة ذات وجهين، و الضحية أولى بالحياة من الفاعل و أولى بالحماية انسجاما مع الإلتزامات المتبادلة بينه و الدولة بناء على فلسفة العقد الإجتماعي؛
ـ نجاعة عقوبة الإعدام في الحد من الجرائم البشعة الخطيرة بدليل أن هناك العديد من الدول ألغتها ثم تراجعت عن ذلك و أخذت بها من جديد بعدما استفحل هذا النوع من الجرائم، و أن أعرق الديمقراطيات الحديثة تأخذ بها في تشريعاتها الجنائية الداخلية؛
ـ عدم تنفيذ عقوبة الإعدام لا ينهض حجة لإلغائها.

و في ظل هذا النقاش الدائر حول عقوبة الإعدام ، نرى أن الإبقاء عليها ضرورة تشريعية أكثر منها اجتماعية سيما في ظل تنامي الجرائم الخطيرة المهددة للسلم و الأمن الإجتماعيين و التي تعصف بأسباب الأمن و تقوض عرى الأنظمة السياسية كما هو الشأن بالنسبة للجرائم الماسة بأمن الدولة و الجرائم الإرهابية و جرائم الحرب و جرائم الإتجار بالبشر و غيرها من الجرائم التي تودي بحياة آلالاف من الأبرياء.
فإذا كان بلدنا و الحمد لله ينعم بالإستقرار و الإطمئنان، فإن الشروط التي يفرضها المحيط الإقليمي و الدولي تفرض توخي الحدر و تقوية المنظومة الجنائية و التشدد في المعاقبة على الجرائم المهددة للأفراد و لو بعقوبة الإعدام، و أن إلغاء هذه العقوبة قد يترتب عنه فراغ تشريعي إذا ما دعت الحاجة إليها، فبقاؤها بالرغم من عدم تنفيذها أولى من أن يتم إلغاؤها، فضلا عن ذلك، فإن مراجعة مسودة مشروع القانون الجنائي خفضت من الجرائم المعاقب عليها بالإعدام و اقتصرت فقط على الجرائم الخطيرة و الشنيعة التي لا يتحملها الطبع البشري السليم، و التي يترتب عنها إزهاق أرواح الأبرياء مما يجب معه أن يكون الرد من جنس العمل و أن يكون عنيفا.

و نظرا لخطورة عقوبة الإعدام لأنها تسلب الإنسان حقه في الحياة فقد شدد مشروع قانون المسطرة الجنائية أن هذه العقوبة لا يمكن الحكم بها في حق المتهمين إلا بإجماع كل أعضاء الهيئة سواء على مستوى غرفة الجنايات الإبتدائية أو نظيرتها الإستئنافية، و بمفهوم المخالفة و في حالة عدم توفر شرط الإجماع لا يمكن الحكم بعقوبة الإعدام.
إن عقوبة الإعدام ليست مطلوبة لذاتها، بل لغاية تروم حماية أمن المجتمع و استقراره من أن تفتك به الجرائم الخطيرة، و أن الحق في الحياة لأفراد المجتمع و حمايته أسمى من حق المجرمين الذين يستبيحون دماء غيرهم من المواطنين الأبرياء.

بقلم : الدكتور أحمد قيلش و الأستاذ محمد زنون
author-img

معلوماتي القانونية

Comments
    No comments
    Post a Comment
      NameEmailMessage